الطعن بالاعتراض في القضايا الجنائية الصادرة عن محكمة الأمن العام

بسم الله الرحمن الرحيم

الطعن بالاعتراض في القضايا الجنائية الصادرة عن محكمة الأمن العام

بحسب نهج المشرّع الأردني في قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن بعض الأحكام الصادرة غيابياً في القضايا الجنائية تكون قابلة للطعن بطريق الاعتراض، وذلك تعزيزًا لحق المتهم في الدفاع عن نفسه وتمكينه من إعادة النظر في الحكم الصادر بحقه عند تغيّبه عن جلسات المحاكمة.

إلا أنه وبالرجوع إلى قانون الأمن العام، وتحديدًا إلى نص المادة (88/أ)، نجد أنها جاءت على النحو الآتي:

“يحق للمدير بواسطة المستشار العدلي وللمتهم المحكوم عليه أن يطلب تمييز كافة الأحكام الجنائية التي تصدر عن محكمة الأمن العام خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ تفهّمه أو تبليغه الحكم.”

ويُفهم من هذا النص أن الأحكام الصادرة عن محكمة الأمن العام في القضايا الجنائية تكون قابلة للطعن بطريق التمييز فقط، وذلك خلال مدة ثلاثين يوماً من تاريخ تفهّم الحكم إذا كان وجاهياً، أو من تاريخ تبليغه إذا كان غيابياً أو بمثابة الوجاهي.

إلا أن محكمة الأمن العام في التطبيق العملي اتبعت نهج الأصول العامة المقرر في قانون أصول المحاكمات الجزائية، واعتبرت أن الأحكام الغيابية الصادرة عنها في القضايا الجنائية قابلة للاعتراض،وقد تجلى ذلك في قرار محكمة التمييز رقم (1522/2021) الصادر بتاريخ 16/9/2021 والمنشور على موقع “قرارك”، حيث ورد فيه أن محكمة الأمن العام أصدرت حكماً غيابياً قابلاً للاعتراض في القضية رقم (578/2019) بتاريخ 12/3/2020، قضت فيه بتجريم المتهم (س) والحكم عليه بالأشغال المؤقتة لمدة خمس عشرة سنة وغرامة مقدارها عشرة آلاف دينار عن التهمة المسندة إليه.

الا ان هذا النهج يعد مخالفاً للقانون، تأسيساً على أن القاعدة القانونية تقضي بأن النص الخاص يقيد النص العام، وبما أن المادة (88/أ) من قانون الأمن العام نصت صراحة على أن الأحكام الجنائية الصادرة عن محكمة الأمن العام قابلة للتمييز فقط، فإن إجازة الاعتراض عليها تُعد تطبيقاً غير سليم للقانون


وعليه، فإن الواجب القانوني يقضي باتباع النص الخاص في قانون الأمن العام الذي جعل الطعن بطريق التمييز هو السبيل الوحيد للطعن في الأحكام الجنائية، سواء كانت وجاهية أو غيابية.

ولدرء أي لبس في التطبيق، يُستحسن أن يُعاد صياغة نص المادة (88/أ) من قانون الأمن العام بشكل أوضح، وبما ينسجم مع الأصول العامة، ويُغلق الباب أمام الاجتهادات المتعارضة في التطبيق القضائي.

You cannot copy content of this page